يطرح النفط الموريتاني الذي يبدأ استغلاله بعد ثلاثة أشهر مشكلات اليوم أمام الموريتانيين سلطات وشعبا.ويتنازع الخوف والرجاء الجميع فيما جدد وزير الطاقة والنفط الموريتاني زيدان ولد احميدة في تدخلاته خلال الدورة البرلمانية الحالية التأكيد بأن المخطط الذي وضعته الحكومة لتحضير استغلال البترول ينفذ بالجدولة الزمنية المحددة له بدقة، وأن أي تأخير لن يحدث في هذه الجدولة.ويتطلع الموريتانيون لعهد من الرفاه يتوقعون أن تجلبه لهم هذه المادة السحرية التي يلهث العالم وراءها قياسا علي ما شهدته المجتمعات النفطية والخليجية بخاصة وهم يختلجون خوفا من تبعات النفط وما قد يسببه من أطماع خارجية وصراعات داخلية.وفيما تعتقد حكومة الرئيس ولد الطايع، وفقا لما ركز عليه وزير النفط زيدان ولد احميدة أمام البرلمان مؤخرا، أنها وفقت مستفيدة من تجارب الآخرين في تعبيد الطريق الآمن أمام استغلال محكم ومنظم للنفط يري موريتانيون كثيرون بعضهم محسوب علي المعارضة أن النفط لا يمكن استغلاله بشكل آمن في ظل ما يسميه هؤلاء احتقان الساحة السياسية وسيطرة مجموعة قليلة علي الشأن العام .ويؤكد البعض تخوفه من أن يسلك النفط الطريق الذي سلكته ثروة موريتانية أخري هي الثروة السمكية التي سيطرت مجموعة محدودة علي استغلالها فيما لم تنتشر الاستفادة منها أفقيا لتشمل الجميع وبخاصة الفقراء.

وكان برلمانيون موريتانيون بعضهم من المعارضة الراديكالية وبعضهم من المعارضة المقربة من النظام قد طالبوا في نقاشات حادة داخل البرلمان الأسبوع الماضي، باعداد أكثر احكاما لمرحلة النفط.وأعرب هؤلاء عن تخوفهم ازاء ما قد يحدثه النفط من آثار سلبية اذا لم يجر الاعداد له بصورة محكمة علي مستوي التسيير وعلي مستوي الكنف السياسي العام الذي سيكون الاطار الحافظ للمرحلة بجميع تفاعلاتها.غير أن وزير النفط أكد في ردوده أن الحكومة اتخذت جميع الاحتياطات مبرزا أن تخوفات نواب المعارضة تخوفات لا مبرر لها في ظل الاستقرار والتحسين المستمر لأداء الادارة.يذكر أن الشركة العالمية الأسترالية وود سايد ستبدأ في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل التهيئة الأخيرة لتصدير أولي شحنات البترول الموريتاني بداية العام المقبل انطلاقا من حقل شنقيط علي شاطيء الأطلسي علي بعد 60 كيلومترا من العاصمة نواكشوط. وسيبدأ استغلال النفط بواقع 75 ألف برميل يوميا من أصل احتياط يقدر بـ120مليون  برميل.وسيلي حقل شنقيط استغلال حقل كبير آخر هو حقل اتيوف المقرر مستهل سنة 2007. ويتوقع أن يحول للخزانة الموريتانية ما يعادل 35 سنتا من كل دولار ينتج من بيع النفط الموريتاني في الأسواق الدولية.وتتوقع مصالح وزارة النفط الموريتانية أن يصل سعر برميل النفط بداية العام القادم لـ57 دولار اعتمادا علي معطيات السوق الدولية وهو ما سيجعل العائدات النفطية الموريتانية تناهز 300 مليون يورو للسنة. وتشدد حكومة الرئيس ولد الطايع علي أن عائدات النفط ستوزع بدقة علي الجميع. ويري خبراء وزارة الشؤون الاقتصادية الموريتانية أن توزيع الثروة النفطية سيكون عبر مظاهر مختلفة من أبرزها مجانية الخدمات الصحية والتعليمية وانخفاض أسعار النقل وأسعار المواد الأساسية والحد من الفقر.ويظل الأمر المؤكد هو أن موريتانيا باتت قاب قوسين أو أدني من ولوج عصر النفط حيث أنها ستتبوأ مكانها بين الدول الافريقية العشر الأول المنتجة للنفط. وتعتمد موريتانيا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 علي الزراعة وتربية المواشي كما تعتمد أساسا علي التجارة. والي جانب النفط الذي سيبدأ استغلاله عما قريب، تتوفر موريتانيا علي خامات الحديد وعلي سواحل من أكثر سواحل العالم وفرة بالأسماك.

غير أن هذه الثروات لم تؤد للرفع من مستوي دخل الفرد حيث تؤكد احصائيات البنك الدولي أن في موريتانيا واحدا علي اثنين يعيشون تحت خط الفقر كما أن 26 بالمئة من السكان لا تتوفر علي وسائل العيش المناسب. وتضاف لذلك الأمية التي يشمل داؤها 60 بالمئة من السكان ممن تزيد أعمارهم عن 16 سنة وارتفاع كبير للوفيات عند الولادة وهي تحديات لا بد من رفعها في ظل الظروف الجديدة التي تفتح أمام عائدات النفط مجالات للصرف والاستثمار.ويوجز برنامج حكومة الوزير الأول الحالي الصغير ولد مبارك أهداف ونوايا الحكومة فيما يخص النفط في أمور منها ضمان الاستغلال الأمثل للبترول للقضاء علي الفقر في ظرف وجيز وضمان وصول السكان بمختلف المناطق للخدمات الأساسية كماء الشرب والكهرباء والصحة. أما المعارضة فتصر علي تحقيق هدف واحد وهو السيطرة علي النفط حتي لا يستغل لاثراء حفنة قليلة من متنفذي السلطة علي حساب المجموعة الوطنية كلها.

القدس العربي والوكالات